غافروش ..شهيد الثورة والحرية في بؤساء فيكتور هوجو


غافروش تينادرييه..هذا الثائر الصغير.. أو شهيد الحرية كما يسمى في رائعة "البؤساء"  لفيكتور هوجو .. الذي صور اسشهاده في ثورة 1832م بشكل تفرد به هوجو وحده .. بغنائية شعرية وصورة جعلتنا نستبطن ما مفهوم الموت عند هوجو .. انه الحرية الكاملة ..انه التحررمن العبثية والتسلط .. قطعة البازل التي تتم الصورة !... انه الكمال !
لقد فاق ابداع بؤساء هوجو  اي تصور وهي تقدم لنا صورة غافروش الذي  اتجه إلى الشارع ليبحث عن ذاته.. عن نفسه ..وهو يغني :

هل تذكرين حياتنا العذبة
حين كنا كلانا صغيرين جداً
وحين لم تعتلج في فؤادنا غير رغبة واحدة،
هي أن نرتدي ثياباً أنيقة وأن يحب أحدنا الآخر!

لا يبلغ مجموع عمرينا أربعين عاماً
وحين كان كل شيء.. في بيتنا المتواضع الصغير
ربيعاً بالنسبة إلينا.. حتى الشقاء نفسه.

يا لها من أياماً حلوة!
لقد تأملك القوم كلهم.. كنت محامياً من غير دعوى
يوم اصطحبتك إلى متنزه برادو
فكنتِ جميلة إلى درجة جعلت الزهور
توقع في نفسي أنها تتململ.

لقد سمعتها تقول: ما أجملها!
ما أطيب عبقها! ما أروع تموج شعرها!
إنها تخفي تحت ردائها القصير جناحاً

وهِمت على وجهي معك..ضاغطاً على ذراعك
واعتقدوا عابروا السبيل أن الحب المسحور
قد زوّج في شخصينا السعيدين
شهر نيسان العذب إلى شهر نوار الجميل

نحن نحيا مختبئين.. راضيين..ملتهمين بالحب
تلك الثمرة المحرمة الطيبة
ولم يكن فمي ليقول شيئاً
إلا أجابه فؤادك في الحال.
.......
.......

من ذا الذي يستطيع أن ينسى
أوراق الفجر والقبة الزرقاء والأوشحة والأزهار
حيث الحب يغمغم بلغة سوقية فاتنة!

تلك المصائب الكبرى التي كانت تضحكنا!
فروة يديك المحترقة، وفروة جيدك الطويلة الضائعة!
وتلك الصورة الأثيرة من شكسبير الإلهي
التي بعناها ذات مساء لتناول العشاء!

أول مرة أخذت فيها،
قبلة من شفتيك الملتهبتين
حين تشعث شعرك وشاع الدم في وجهك
ظللت أصفراً شاحباً وآمنت بالله!

هل تذكرين سعادتنا التي لا تحصى
وجميع تلك المناديل التي استحالت إلى خرق!
أوه ! كم زفرة من قلبينا المفعمين بالظل
قد انطلقت في السماوات العميقة!
....
....

وقد تجاوز الابداع الوصف في مشهد من أروع المشاهد الغنائية في رواية البؤساء.. عندما جمع هوجو بين الغناء والموت في مشهد من أكثر المشاهد عمقا لوصف كينونة الذات التي وجدت نفسها بالثورة ..عندما نزل  غافروش  يصرخ في الشوارع وفي ضاحية سان انطوان بين الجموع ويقود الكبار في الشوارع في مشهد الثورة الذي صوره لنا فيكتور هوجو في مشهد الاستشهاد الغنائي عندما نهض غافروش منتصباً على قدميه وقد عبثت الريح بشعره..واضعاً يديه على خاصرتيه مسدداً بصره نحو رجال الحرس الوطني المطلقين النار..وراح يغني :

إن المرء ليكون بشعاً في ناتير
وتلك خطيئة فولير
وأحمق في باليسو
وتلك خطيئة روسو

ثم تناول سلته ووضع فيها الرصاصات التي سقطت منه من غير أن يضيع أياً منها.. وتقدم نحو وابل من الرصاص وشرع يفرغ صندوق لرصاص آخر. وهناك أخطأته قذيفة رابعة أيضاً، وما كادت. وغنى غافروش:

أنا لست كابتاً عدلاً
وتلك خطيئة فولتير
أنا عصفور صغير
وتلك خطيئة روسو

ولم توفق قذيفة خامسة إلى أكثر من انتزاع دور ثالث من غافروش، وراح يغني :

البهجة شيمتي
وتلك خطيئة فولتير
والبؤس جهاز عرسي
وتلك خطيئة روسو

واستمر على ذلك النحو فترة ما.
كان المشهد مرعباً وفاتناً. كان غافروش وقد صُوب إليه الرصاص يسخر من الرصاص، لقد بدأ وكأنه مبتهج جداً. كان هو السنونو يضرب الجنود القناصة بمنقاره، ولقد أجاب على كل إطلاقة رصاص بدور من أدوار الغناء. وسددوا إليه النار على نحو موصول ولكنهم أخطأوه دائماً. وضحك الجند ورجال الحرس الوطني وهو يصوبون الرصاص إليه. لقد انطرح على الأرض، ثم نهض، واختبأ عند زاوية باب، ثم قفز، واختفى، وأجال على طلقات النار بالسخرية، ونهب في نفس الوقت الرصاصات، وأفرغ صناديق الرصاص وملأ سلته، وأتبعه المتمردون عيونهم وقد تقطعت أنفاسهم قلقاً. كان المتراس يرتجف، وكان هو يغني. لم يكن ذلك طفلاً، ولم يكن ذلك رجلاً، لقد كان متشرداً جنياً غريباً، ولقد كان خليقاً بمن يراه أن يقول إنه قزم المعترك المعصوم عن الجراح. كانت القذائف تعدو خلفه وكان هو أرشق منها. كان يلعب مع الموت لعبه ” اختبئ والتمس “على نحو رهيب إلى حد لا يوصف. وكلما اقترب وجه الشبح الأفطس فرقع المتشرد أصابعه.

بيد أن رصاصة أشد غدراً مصوبة على نحو أفضل من سابقاتها بلغت الطفل الشبيه بالشهاب الغازي. لقد رأوا غافروش يترنح.. ثم يقع.. وأطلق المتراس كله صيحة.. ولكن كان ثمة آنتييوس في هذا القزم.. لأن مس المتشرد الرصيف أشبه شيء بمس العملاق الأرض. .لم يقع غافروش إلا لينهض من جديد..وظل قاعداً على مؤخرته وقد جرى على وجهه خط من الدم طويل.. ورفع ذراعيه في الهواء ونظر إلى الناحية التي أقبلت منها الرصاصة..وبدأ يغني:

لقد سقطت على الأرض
هذه خطيئة فولتير
وأنفي في الساقية
هذه خطيئة ….

ولم يكمل. لقد حالت بينه وبين ذلك قذيفة ثانية من القناص نفسه. وهذه المرة خر على الرصيف مكباً على وجهه، ولم يتحرك بعدُ قط. كانت تكل الروح العظيمة قد فاضت.

تعليقات

  1. تحية من ترتيب العظماء إلى الدولة المتحدة وجميع أنحاء العالم ، هذه فرصة مفتوحة للانضمام إلى جماعة الأخوة من المتنورين حيث يمكنك استعادة أحلامك المفقودة ، وكذلك حيث يمكنك رؤية نور الثروة والسعادة دون أي تضحية بالدم. ونحن ندفع أيضًا مبلغ 500،000 دولار أمريكي للترحيب بجميع الأعضاء الجدد وهم ينضمون إلى الأخوة وأيضًا منزلًا يختارونه وموقعه باستثمارات ، إلى جانب هذه الفرصة في الحياة ليصبحوا مشهورين.

    الفوائد التي تم منحها لأعضاء جدد ينضمون إلى مرحلة التنوير.
    1. مكافأة نقدية قدرها 500000 دولار أمريكي.
    2. سيارة حلم جديدة أنيقة تبلغ قيمتها 200000 دولار أمريكي
    3. منزل الأحلام اشترى في البلد الذي تختاره وغيرها الكثير

    ملحوظة؛ يمكنك الانضمام إلى جماعة الأخوان المتنورين من أي مكان في العالم ، الهند ، تركيا ، إفريقيا ، الولايات المتحدة ، ماليزيا ،
    دبي ، الكويت ، المملكة المتحدة ، النمسا ، ألمانيا ، أوروبا. آسيا ، أستراليا ، إلخ

    ملاحظة: إذا كنت مهتمًا ، فيرجى الاتصال بنا عبر بريدنا الإلكتروني: illuminatibrotherhood1987@gmail.com

    تحية المعبدة تضيء الولايات المتحدة

    ردحذف

إرسال تعليق

إضافة تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ربما نلتقي

دعينا نزيح الستار