قطعة حشيش

لم يهرب بالإنتشاء بمخدر أو أسكر عقله بكأساً منذ سبع سنين  تغلبت ارداته على كل ما تعانيه النفس من ضغط مادى ونفسى يكفى لإندثار القارات الخمس ، وكلما خرج من دائرة يدخل فى اخرى ، وأخرى تسلمه لأخرى ، اقترض قطعة حشيش من صديق له ، قال أنه سيصحبها معه فى عزلته ويأتنس بدخانها بمفرده ، ولكنه لم يفعل قط ، مر يوم ، يومان ، حتى امتد لاسبوع ، كل يوم كان يطمئن عليها ، يراها راقدة بسلام مندسة فى لفافة التبغ ، يمسكها ويتأمل ، يشرد فيتألم ، ينظر اليها وكأنه يحدثها ، وكأنها قدر وان كان يخشاه الا انه اشتاق التيه فيه ، توحش تلك السنون التى لم يكن يحلم فيها بغير قطعة من ذلك المخدر ينتشى بها ويهرب الى احضان انثى يطفئ فيها لهيب الجسد ومتطلباته ، كان يؤمن أن الجسد بدون عاطفة تنحط به الى درجة البهائم ، فكان يحتفظ بعاطفته فى مكان بعيد فى ثنايا قلبه ، بعيد عن متناول العابثين ، كان يستحضرها كلما اجتمع مع انثى، لا يخفى اشتياقه لايام كان فيها لا يفكرفيها سوى بذلك سابق الذكر ، ثم هاهو الان يحمل ثقل الجبال هموم، بكل الاحوال أصبح كل ليلة على موعد مع قطعة الحشيش هذه، تلك التى يخشى تنفيذ حكم التدخين فيها، كانت عالقة بذهنه كلما ضاقت بصدره الهموم ، وما أكثرها ،  وكأن هناك رابط ما قد نشأ بينهم، ينظر اليها وكأنه ينظر الى قدره، يتذكر الانتشاء، ويتذكر ايضا الاستسلام، وكم من مرة تجملت فى يده وكأن المخدر الملعون يدعو الشفاه على دخانه، فى النهاية نظر لها نظرة ، لو كانت لأمرأة لوقعت فى غرام تلك العيون الشاخصة فيها بشجن، ثم قال  يحدثها، لنا لقاء اخر، لقاء ستكونين فيه مدعاه بهجة ، لا مدعاة أسى، ثم أطبق يده عليها ودسها فى مكانها . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ربما نلتقي

دعينا نزيح الستار