ما بين اليأس والأمل ‏

العالم الذى أصبح وليمة مفتوحة لكل الشرور 
كأكبر مسرح جريمة فيه الحالة الانسانية هى المتهم الأول
هل يمكننا الهروب من تيارات السببية 
أم أن علينا أن نتجرع خليط الوجود كاملا كى نحظى بشئ منه سعادة كان أم شقاء 

ماذا لو كان لدينا الأختيار بين الأحساس العميق بالوجود بما يصحبه من معاناه وبين البلادة التامة وما يصحبها بما سُمى فى الدارجة المصرية ب "جنة العبيط" ؟!
هل لدينا أصلا هذا الاختيار أم أن سببية الأشياء سلبته منا 

هذا الاستلاب صاغه شوبنهاور بقوله بأن " العالم حلقة مفرغة من العذاب والمعاناة وان وعى الانسان بهذه المعاناة هو لعنة الحالة الإنسانية"
واننا نواصل الحياه فقط لأن ذلك جزء من برمجتنا المُسبقة، ولا خلاص من ذلك الا بالانسحاب من هذه الصفقة الفاشلة !

وفى فلسفات الشرق  القديمة كالهندوسية مثلا  تحدثت عما سمته "وهم الحرية"  وخلصت الى اننا مقيدون الى الزمن وان حياة الانسان ما هى الا حلم فى غرفة مغلقة نعاود الاستيقاظ داخله مرة بعد اخرى !

وهى فكرة قريبة لما صاغه نيتشه بعوده الأبدى بأن الذات ليست سوى وهم ..والأنا التى تتحدث عنه لا وجود له على الاطلاق !
فظلام العالم وبؤس الحالة الانسانية سيجعل الضحايا يسقطون مجددا تحت رحمة نفس القدر فلماذا هذا السعى المحموم اذاً ؟

لكن كأمل أخير بالحالة الانسانية لم تكن هذه النظرة لها الحاكمية فى المطلق ففكرة نيتشه نفسها لم تكن دعوة للاستسلام واليأس طالما ان ما حدث سيحدث وسيتكرر الى الأبد ؟!
بل آمن فى الانسان بأنه اذا أعطى له الاختيار بجانب علمه بأن حياته هذه التى يعيشيها ستتكرر الى للأبد فانه سيحاول باقصى الامكان بأن يجعلها جيدة ..
ماذا لو تسلل فى وحدتك شيطان وهمس اليك بأن هذه الحياه التى تعيشها الآن ستتكرر الى الأبد ؟!
كل ألم أصابك وكل بهجة واتتك ..كل فكرة وكل تنهيدة سوف تعود اليك .. هل ستلعن هذا الشيطان أم ستتهلل لما سمعته ؟

ايمانويل كانط ايضا  رأى أن المعاناة جزء من ماهية الانسان نفسه كقوله "بدون احساس لن نحظى بأى شئ" كالخواطر بدون محتوى تكون فارغة 
 كالحدس بدون مفاهيم يكون أعمى 
 فإذا أعُطى الانسان كل شئ سيصبح لا شئ!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ربما نلتقي

دعينا نزيح الستار