المشاركات

مشاركة

باب فى فصل الجيش عن السياسة

 واعلم أن الشعوب أوجدت جيوشها لتحرسها، لا لتحكمها.  وأن ما من أمة ساسها جيشها إلا أَهلكَت، وهلكت.  فالجيوش تُساس، لا تسوس.  وما اعتاد الجُند إلا الأمر والطاعة، لا التفكير والتدبير.  وليس على الجُند في ذلك حرج، فكلٌ ميسر لما هو أهل له. وليس في ذلك نقصان فيهم ولا انتقاص منهم، ولا شك في محبتهم لبلدانهم، ولا في محاسن مقاصدهم ونواياهم.  فالجند غايتهم الموت لا الحياة. وهم يسوسون أرواحهم وأبدانهم إلى التضحية في سبيل شعوبهم وأوطانهم.  فغاية الموت لديهم نبيلة المقصد، لكن نبلها لا يستقيم مع غاية الحياة، وإن استقام استثناءً، فإن الاستثناء يعود إلى قانونه، بزوال ظرفه، وبطلان حجته. ثم اعلم أن الجيوش إذا اقتربت من الحكم فسدت وأفسدت.  وأنها إذا تولته انحرفت عن مهمتها، فأفسدتها، وأفسدت الغاية من الحكم، وهي تدبير أمور الناس، بما يسعدهم ويؤمّنهم. والجند لا طاقة لهم، ولا علم، بأمور السياسة والحكم. وهم عالمون ببواطن الصحارى والتلال والهضاب وصنوف الأسلحة وأعمالها وإعمالها، لكنهم قليلو معرفة بدهاليز السياسة وألاعيبها وسراديبها.  ولو أن قائلا قال، متبصرا، إن جنديا ...

دعينا نزيح الستار

 - لست بحاجة أن تتقنى دور انك راعيتى، فأنا أكثر من يعلم أن وقت الحاجة لا يسعف المرء الا نفسه، فلك أن تأخذى من علاقتنا ما يرضى حاجتك الآنية فقط دون تكلف وكليشهات محفوظة .. = كيف لك أن تعرف ما أريد  - امم أتريدى أن أشرح حسناً .. - كل ما أردتيه أن تعرفى كيف يكون الحال أن تشعرى بشىء ما حنى ولو بالاقتباس .. شىء بهذا العمق الذى لم تصلى اليه  لكن الحقيقة إنك عمياء عاطفياً نعم ..تستخدمين الكلمات الصحيحة، وتومئين بالتصرفات الصحيحة لكن المشاعر.. المشاعر لا تحدث أبدأً ! = ليس هذا صحيحاً  - بل هو كذلك  أنت فقط تعرفين التعريف القاموسى للعواطف  الشوق، البهجة، الأسى .. الخ هذه الأشياء التى تلوح أمامك فى فضاءات الواقع  ولكن ليست لديك أدنى فكرة عن كيف تبدو أى من هذه الأشياء حقا .. = إنك مخطىء.. أنا أكٌن مشاعر لك    - تريدين أن تكٌنى لى مشاعر .. ولكنها مجرد نزوات ! إنها إستجابات فطرية لإحتياجات آنية أنت بحاجة اليها ! تعرفين جميع الكلمات  ولكنك للأسف لا تستطيعين سماع الموسيقى !

‏كما ‏أنت ‏أريدك ‏

كما أنت أريدك كبداية لا نهاية لها  كما أنت أريدك شفائى من كل داء  كما أنت أريدك  هيكلا للحسن وشفاء للصدر سكينة للقلب وسكرة للعقل   رجاحة فى العقل ووهجا لا ينطفئ روح ساكنة وسكينة متكلمة  فكما أنت أريدك يا جمع من نساء البسيطة تجسد فى امرأة  يا أمرأة وكأنها الشعور بالنصر  أعذرينى إن قصرت يوما ..هى الحياه يا شِق قلبى  كم طاردناها وكنا كمن يطارد ظله.. وضحكنا  كم تآمرت الأحداث لتشعل النار فى الطرق التى نختارها.. وأخمدناها كم نقر الفراغ وجوده حولنا ..وملأناه كم واكبنا تجارب عبثية عاصفة ..وعصفنا بها  فمهما كانت الصعاب ..فمعك لن تكون سوى لحظة فى الظلام لن تسلبنى النظر  فأنى أحببتك ..وأحبك ..وسأحبك  ودونما عذاب سنقف دوما فى وجه الرياح قائلين أعصفى فلا نبالى

ما بين اليأس والأمل ‏

العالم الذى أصبح وليمة مفتوحة لكل الشرور  كأكبر مسرح جريمة فيه الحالة الانسانية هى المتهم الأول هل يمكننا الهروب من تيارات السببية  أم أن علينا أن نتجرع خليط الوجود كاملا كى نحظى بشئ منه سعادة كان أم شقاء  ماذا لو كان لدينا الأختيار بين الأحساس العميق بالوجود بما يصحبه من معاناه وبين البلادة التامة وما يصحبها بما سُمى فى الدارجة المصرية ب "جنة العبيط" ؟! هل لدينا أصلا هذا الاختيار أم أن سببية الأشياء سلبته منا  هذا الاستلاب صاغه شوبنهاور بقوله بأن " العالم حلقة مفرغة من العذاب والمعاناة وان وعى الانسان بهذه المعاناة هو لعنة الحالة الإنسانية" واننا نواصل الحياه فقط لأن ذلك جزء من برمجتنا المُسبقة، ولا خلاص من ذلك الا بالانسحاب من هذه الصفقة الفاشلة ! وفى فلسفات الشرق  القديمة كالهندوسية مثلا  تحدثت عما سمته "وهم الحرية"  وخلصت الى اننا مقيدون الى الزمن وان حياة الانسان ما هى الا حلم فى غرفة مغلقة نعاود الاستيقاظ داخله مرة بعد اخرى ! وهى فكرة قريبة لما صاغه نيتشه بعوده الأبدى بأن الذات ليست سوى وهم ..والأنا التى تتحدث عنه لا وجود له على الاطلاق ! فظلام ا...

في ‏انتظار ‏الملائكة

يا إبن الليل أحلامك الوردية قد التهمتها السنون سرقها الطاغوت  فتح نوافذها المخبوءة ولاذ بالفرار وبقي هؤلاء الاحياء أموات والموتي يحكمون أحياء وعلي هذه الارض  ممنوع حتي الصراخ فالحزن ترف  والغضب ترف كل الاشياء موءودة  ولم يبقي سوي انتظار الملائكة !

رغبتين

كل البديات التى تشكلت بعيدا عن واقع أصبح مألوفا وفاقدا لاستثارة الدهشة وبدت خفيفة ومريحة كخفة صبى صغير . كل اللحظات التى صنعت انسجاماً خاصاً بها لتشكل معنى جديد غير مُستهلك بسبب الإفتقار الى الفرص تارة والى الشجاعة تارة اخرى. كل الجميلين الذين لاحقتهم تعاستهم فقط لعدم ملائمتهم القوالب . كل الإدراك الذى أتى علينا بوعى أكبر فزاحم كآبتنا المستترة خلف ضحكات التجمل ومظاهر الانسجام المصطنع.  وكل ذكرى تعود وقبل أن تغادر تنبهنا بأن لا أحد سيفهم ذلك وكأنها تترك الباب لنفسها لتعود مرة أخرى . وحدهم الذين إخترقوا دواخلنا لم نعطهم السهم وحدهم الذين كتبونا لم نعطهم القلم أعرف جيدا أن أقرأ ما لا يُقال ورغم ذلك أتماهى بشكل تام مع ما جادت به رغبة شخص   لا يريد أن يتكشف إستئناسه بسر ما يقتات منه . نعم أعرف جيدا معنى التأرجح بين رغبتين ورغم ذلك لا أميل لحسم أى منهما .

عازب الأدب

فى الفترة بين 29-12-1913 و 2-1-1914  كتب كافكا رسالة من خمس وثلاثين صفحة طلب فيها للمرة الثانية الزواج من "فيليس باور" وأعُتبر هذا الطلب أغرب طلب زواج ففى طلب كافكا الزواج الذى كتبه بخط يده شرح كافكا مساوئ الزواج من كافكا ! كاكفا الذى خطب ثلات مرات ولم يتزوج  شرح "شتاخ" سبب عدم زواجه  بأن السبب كان هو الخوف من فقدان الهوية وباستعارات من كافكا نفسه " فلا أكون وحدى قط، لا أكون مع نفسى قط " هذه الجملة ( فلا أكون نفسى قط) تشرح بإختصار لماذا ظل كافكا هو عازب الأدب العالمى.

نحن من ظفرنا بأيام الحرية

نحن الذين لم نتصدر الورق، ولم نُكبل بأدوار البطولة جمعنا كآبتنا وأفرغناها فى الأغانى والقصائد نحن من غزلنا أحلامنا البسيطة على نول الأمل المهترئ  ضحكنا مع الجميع وبكينا وحدنا  نحن من عشنا في الفراغات البيضاء والأطراف، وملأنا الثغرات بين القصص صادقنا الغرباء والضعفاء والمنبوذين وكل المطرودين من فردوس القبيلة  نحن من وقفنا على قارعة الطريق نهتف ونضحك ونُحب نعم نحن من ظفرنا بأيام الحرية حتى ولو لوقت بسيط

إعــــــتذار

لكل الأشياء الجميلة التى لم يسعفنا الوقت لإستكمالها لكل اللحظات التى لم نعطيها قدراً كافيا من الوعى بها فأبت الذاكرة أن تتخلى عنها لكل التفاصيل التى هاجمت وعينا بعد فوات الآون لكل قٌبلة لم نمتص بها ما يكفى من ريق لكل الأحضان التى لم نحتضن بها كل الوجود فى لحظة لكل امنية رُدت الينا خائبة ميتة لكل العيون التى تأملت فينا ونحن عنها ذهاب لكل التلميحات التى لم نجرُأ على التماهى معها خشية فتح كتاب غير قادرين على استكمال قراءته لكل اللحظات التى لم نستغلها بالشكل الأمثل لكل الأزقة التى إحتوت عُزلتنا نحن ومن نحب بعيداً عن أعين الغرباء لكل فجر شهد على مجازتنا الغرامية ولم نتذوقه بشكل كافى لكل فنجان قهوة شربناه بعجالة لكل قصيدة رسمت دواخلنا ولكل كتاب إحتوانا حين إغتربت بنا الأشياء لكل الغرباء الذين لا نعرفهم ولكنهم طبعوا ملامحهم فينا اعتذاز لكل من أحبونا بصمت ورحلوا بسلام لابتسامة خجولة من حسناء لا أعرفها لكل الصور الورقية التى إحتفينا بها فى الطفولة لكل الكلمات التى منعها الخجل من أن تفلت منا لحماستنا المفرطة التى أزاحت كل الوقار المصطنع للخطوات التائهة ا...

أين يذهب ؟

فى حيوة ما فى المخيلة  أرانى أفقد ذاكرتى وأمشى تائه الخطوات بعيدا بغير وجهة أمشى محملا بكل الأسئلة التى ليس لها إجابات  أطارد السراب كلما لمحته وأنا أعلم م البداية أنه سراب  أتمدد فى الخلاء على عشب أخضر ناظرا لفسحة الفضاء مداعبا النجوم بإصبعى أستيقظ داخل حلم جميل تماماً كحلم مارية فأرى بأنى أطير من غير أجنحة ، أطيرُ وأفرح.. تؤرجُحنى فى الفراغ نسُمات رحيمة ، فأسبح فى هواء لا يشبه الهواء تحملُنى الأحلام الحنون من فوق مكانى الى أماكن أخرى ما رأها أحد قبلاً أطير ولا قِبلة لى بالجهات ، ولا رغبة لى فى حياة أو ممات أحلق فوق رؤس نخلات وتيجان أعمدة عالية وحواف أحجار متكسرة كبار واعلو ..حتى إذا غصت فى صُرة السماء بدت لى الأرض من عين عصفور ضعيف ، شاهق التحليق صغيرة وكل مكان أمامى فى المتناول.. أطير حتى أمس السحاب ، وأسمع صوت السكون وكأن الكون خلا من كل هسيس، وما عاد معى فى الوجود أنيس..  أتقلب فى طيرانى وأرى بجانبى عصفور يدلنى على سحابة من نور فإذا ما صرت عندها أرى منها ما أتمنى أن أراهم ولو على مسافة جُرح.. أقف فتأتينى حتى اذا ما دنت إنجلت .. وإنسل من...